وزير التعليم الثانوي يعد المتميزين من مقدمي خدمة التعليم بالوظيفة العمومية (فيديو)

أحد, 26/01/2020 - 00:07

قال وزير التعليم الثانوي والتكوني المهني والتقني محمد ماء العينين أييه إن القطاع يفكر في توفير فرصة الالتحاق بالوظيفة العمومية لمن تتوفر فيه شروط المدرس من مقدمي خدمة التعليم المكتتبين خلال الأسابيع الأخيرة.

 

ولفت ولد أييه في مقابلة مع الأخبار إلى أن البعض ينتقد أخذ الوزارة للمتوفر، وعدم تكونيهم التكوين الكافي، مردفا بقوله: "ما يمكن أن نقوله هو أننا انتقينا أحسن الموجود بأفضل طريقة، وقمنا بتكوينهم بطريقة سريعة لتوفير الضروريات قبل الالتحاق بالأقسام، ولدينا خطة لمتابعتهم في الأقسام حتى يقدموا أحسن أداء".

 

وتحدث ولد أييه عن عملهم على خارطة لإصلاح القطاع، مؤكدا أن هذه الخريطة سيتم عرضها خلال الأيام القادمة، مردفا أن هدف إصلاح التعليم هو وضع المدرسة الجمهورية التي تكوّن الأجيال وفق ما يرغب الآباء في أن يكون عليه أبناؤهم وأحفادهم.

 

واعتبر الوزير أن الإشكالية حاليا ليست في الاتفاق على الإصلاح المنشود بقدر ما هي كيفية القيام به وخصوصا على مستوى وضع المدرسين في الظروف المرضية وتوفير البنية التحتية اللازمة للقطاع.

 

ووصف الوزير قطاع التعليم بأنه أصبح الشغل الشاغل للموريتانيين كلهم، مشيرا إلى أنه ركيزة من ركائز البرنامج الانتخابي للرئيس محمد ولد الغزواني والإعلان العام للحكومة.

 

ويؤكد الوزير أن ما يصفه بالإصلاح الشامل للتعليم قد انطلق، معددا من بين الإجراءات المتخذة تغطية العجز في المدرسين وبدء الدراسة في أول أيام الافتتاح وإنشاء المجلس الأعلى للتهذيب.

 

وتحدث ولد أييه في مقابلة مع الأخبار عن واقع القطاع بعد أشهر من توليه الحقيبة وافتتاح السنة الدراسية الجديدة، وعن معالم الإصلاح الذي يعملون عليه في التعليم، كما استعرض ما يرى أنها أبرز التحديات التي يجب العمل عليها، فضلا عن علاقاته مع النقابات العاملة في المجال.

 

وهذا نص المقابلة:

الأخبار: هل لكم أن تطلعوا القراء والمتلقين على واقع القطاع بعد أشهر من بداية السنة الدراسية، وذلك في ظل الاهتمام الكبير الذي يحظى به التعليم لدى الرأي العام؟

وزير التعليم الثانوي:

أشكركم على إتاحة هذه الفرصة، وأخذ المبادرة بهذه المقابلة عن هذا القطاع الذي يجسد واحدة من أولويات الحكومة وأوليات فخامة رئيس الجمهورية، وأولويات الموريتانيين ككل.

 

نحن نلاحظ أنه منذ فترة أصبح التعليم الشغل الشاغل للمواطنين الموريتانيين كلهم، كما أنه يشكل إحدى ركائز البرنامج الانتخابي لفخامة رئيس الجمهورية ولإعلان السياسة العامة للحكومة.

 

يشهد قطاع التعليم انطلاقة إصلاح شامل، انطلق الجانب المتعلق منه بتنفيذ العملية التربوية مع بداية افتتاح العام الدراسي بإشراف فخامة رئيس الجمهورية على الافتتاح الدراسي، حيث تم اتخاذ الإجراءات لتبدأ السنة الدراسية في أول أيام الافتتاح، ولتغطية العجز الذي كان حاصلا في الأساتذة والمعلمين، وهذا الإصلاح تواصل بإنشاء المجلس الوطني للتهذيب، وسيبلغ ذروته بخارطة طريق للإصلاح ستقدمها الوزارة المسؤولة عن الإصلاح خلال الأيام المقبلة.

 

الإصلاح كما تعلمون عموما هدفه هو أن تكون المدرسة الجمهورية التي يتخرج منها الأشخاص الموريتانيون، في الشكل الذي نحلم بأن يكون عليه أولادنا وأحفادنا. الطريقة التي نريد أن يكون عليها أولادنا وأحفادنا هي ما ستكون عليه المدرسة الجمهورية لضمان تخريج هذه الأجيال وفقا لذلك.

 

المدرسة الجمهورية أمامها الكثير من التحديات، أنا اعتقد أن الإشكال الكبير ليس ما يجب أن نقوم به، بل كيف يمكن أن نقوم به؟

 

أقول ذلك، لأن مستوى الوعي لدينا، وواقع الطبقة المثقفة، وكذا الطبقة السياسية، وكذا الإصلاحات المتكررة التي قيم بها، والتي لم تلب المطلوب منها، أو لم تكن مرضية، كل هذه العوامل أوجدت مستوى من التفكير يجعلني أرى أن المجتمع الموريتاني الآن جاهز لأن يحدد نوعية المدرسة الجمهورية التي يريد.

 

وبناء عليه، فإن الإشكالية الكبيرة التي تبقى أمامنا، هي الطريقة التي يمكن أن نصل بها لهذه المدرسة الجمهورية التي نريد، وخاصة من حيث توفير الأساتذة والمعلمين ووضعهم في الظروف التي تمكنهم من القيام بما هو مطلوب منهم بالطريقة المرضية، وتوفير البنية التحتية التي يمكن أن تحقق ذلك، وهذا لم ينتظر إطلاق خارطة الطريق، بل تم اتخاذ بعض الإجراءات من بنيها عملية انتقاء مقدمي خدمة التعليم للحد من النقص الحاصل في الأساتذة والمعلمين.

 

البعض ينتقد أخذنا للمتوفر، وعدم تكونيهم التكوين الكافي، وما يمكن أن نقوله هو أننا انتقينا أحسن الموجود بأفضل طريقة، وقمنا بتكوينهم بطريقة سريعة لتوفير الضروريات قبل الالتحاق بالأقسام، ولدينا خطة لمتابعتهم في الأقسام حتى يقدموا أحسن أداء، كما أن لدينا تفكير في أن من تتوفر فيه شروط المدرس ستوفر له الظروف المناسبة ليلتحق بالوظيفة العمومية، وهذه إحدى الورشات المهمة لتغطية النقص، وما تزال متواصلة لتلافي النقص الحاصل في الأساتذة والمعلمين، فالاكتتاب الأول لم يف بالمطلوب، وقد أعلنا عن اكتتاب ثان، نرجو أن يتم من خلاله التغلب على النقص الآن.

 

وفي الأيام المقبلة ستعكف الوزرتان على عملية إصلاح لمدارس تكوين المدرسين، وهي مدراس تكوين المعملين، ومدرسة تكوين الأساتذة حتى تكون هذه المدارس مدارس نخبة، وحتى يكون التخرج منها مفخرة، وتكون نوعية الأساتذة والمعلمين المتخرجين من هذه المدارس هي الدعامة الأساسية لإصلاح التعليم.

 

هناك جانب آخر مهم، هو الاهتمام بالمدرس وظروفه المادية والمعنوية التي هي واحدة من تعهدات فخامة رئيس الجمهورية، وقد وضعنا إطارا للتشاور مع النقابات، وهو إطار مستمر، وهدفنا منه أن نعتمد خطة تشارك فيها النقابات، تغطي فترة مأمورية الرئيس وتواكب سياسة الحكومة، ويتم - بشكل تدريجي – القيام بما يمكن أن يقام به في هذا الموضوع، وكذلك لامتلاك رؤية واضحة لإنجاز ما يمكن إنجازه في سبيل تحسين ظروف المدرس.

 

ومن بين الأمور الأساسية التي حصلت هي أن المعايير التي كانت موجودة بخصوص التحويلات والترقية التزمت بها الوزارتان، فمنذ افتتاح السنة الدراسية لم يحصل حتى الآن أي تحويل يمكن أن يخل بالخريطة المدرسة، أو أداء التدريس، وقد تم كل هذا بالتشاور مع النقابات.

 

وتتواصل جلساتنا معهم، وسنتفق خلال الأيام القادمة معهم على معايير منح علاوة البعد التي ستشهد زيادة، كما سنتفق معهم على المعايير التي سيتم منح هذه العلاوة وفقها.

 

كما أن من بين الأمور التي سنتفق معهم عليها - أيضا - وضع معايير منح تحفيز للمدرسين المتميزين الذين تم رصد ميزانية لها تصل 200 مليون أوقية قديمة، وسنناقش معهم كل الأمور التي يمكن أن يقام بها لتحفيز الأساتذة ووضعهم في ظروف جيدة حتى يتم الالتزام بالتعهد الذي قدم لهم بوضعهم في ظروف مادية ومعنوية تمكنهم من أداء عملهم.

 

هذه أمور عامة تتعلق بسياسات القطاع، لأن سياسة القطاع موحدة، حتى ولو تولت تنفيذها وزارات متعددة.

 

وبخصوص الأمور الخاصة بالتعليم الثانوي في إطار هذا الإصلاح، فإن التعليم الثانوي ينتظر منه أن يشارك في عملية الإصلاح الشاملة وأن يواكبها وينسجم معها، ويكون رافعة لها، كما يطلب منه أن يتخذ الإجراءات الضرورية الخاصة بمن يوجدون في التعليم اليوم، ولا يمكن أن يستفيدوا من الإصلاح، وذلك لإيجاد حلول للرفع من نوعية التعليم الذي يتلقونه.

 

وفي هذا المجال فتحنا مجموعة من الورشات، منها ما يتعلق بالسنوات النهائية من خلال إعداد وثائق حول المواد الأساسية كلها، وإطلاق دروس تقوية ستنطلق في الأيام المقبلة،  كما نعمل على مستوى السنة الأولى، وقد أعددنا تقييما لمستوى السنة الأولى من الإعدادية التي تشكل المرحلة الأولى، وذلك لمعرفة ما يمكن القيام به على مستوى البرامج لإكمال النقص الذي حصل خلال التعليم الأساسي والتغلب عليه بشكل تدريجي لامتلاك الكفاءة التي تمكنهم من متابعة تعليمهم الثانوي بطريقة جيدة.

 

كما تعكف الوزارة على دراسة لتحديد الحاجيات من البنية التحتية، وكذا الحاجيات الضرورية لرفع مستوى ظروف التدريس بصفة عامة، ونأمل أن تظهر نتائج مقنعة للمجتمع الموريتاني تدريجيا.

 

الأخبار: خلال العقود الماضية، كان ما يوصف بأنه إصلاح للتعليم يأخذ أحد منحيين، إما أن يتم تغيير اللغة، أو يقسم القطاع إلى وزارتين أو وزارات إن كان مجتمعا، أو يجمع إن كان متفرقا، ما الذي يحمله الإصلاح الذي تنوون اعتماده؟

وزير التعليم الثانوي:

أنا أرى أن الهدف من البنية الإدارية هو تلبية وظائف موجودة، وأن يتم التخطيط بشكل سليم، والتنفيذ بشكل صحيح، وأن توجد متابعة دقيقة، سواء كان ذلك قد حصل بجهاز إداري في وزارة واحدة أو عبر مجموعة من الوزارات تنسق فيما بينها، هذا ليس هو الأساس حسب رأيي. الأساسي أن تكون سياسية التعليم سياسة واحدة منسجمة وتنفيذها يتم بسلاسة ويتم تقييمها وتتخذ الإجراءات لتلافي ما يحصل من أخطاء.

 

ولعل هذا ما يفسر لكم عدة الاستعجال في الفصل بين وزارتي التعليم الأساسي وإصلاح التهذيب الوطني، والتعليم الثانوي والتكوين المهني والتقني – وهو ما ينتقده بعضهم – ودافعه حرصنا على أن تكون الإجراءات التي تتخذ تضمن الوصول للأهداف المرسومة.

 

أطمئن المهمتين بشؤون التعليم أن الوظائف التي تضمن نجاح التعليم سيتم القيام بها من خلال الوزارتين وبطريقة تنسيق تضمن الوصول للنتائج المطلوبة، وفي هذا الإطار تم إنشاء المجلس الوطني للتهذيب، وهو هيئة تجمع الوزارات كلها والمجتمع المدني، والهدف منها أن نقوم بفحص ناقد وتشخيص لما هو موجود، ونقدم الاقتراحات للحكومة حتى تتمكن من أن تكون عملية التهذيب علمية تنسجم وفق سياسية واحدة، وتتابع مختلف جوانب التعليم لإبراز الاختلالات الموجودة فيه ليتم التغلب عليها.

 

الأخبار: هناك من يتحدث عن انعدام المساواة والعدالة بين التلاميذ، وخصوصا في مرحلة الباكلوريا، فبينما تتوفر البنية والطواقم المكتملة في نواكشوط – مثلا – تتأخر بداية الدراسة ويسجل العجز في الطواقم في مناطق داخل البلاد، كيف تتعاطون مع هذا الأمر؟

وزير التعليم الثانوي:

أود أن أبدأ من النقطة التي تتحدث عن فائض من الأساتذة في نواكشوط، وعن نقص في الداخل، لأقول إن تسيير المصادر البشرية بالقطاع فيه الكثير من الاختلالات، وفيه بعض التراكمات، مع أني لا أحبذ استخدام هذا المصطلح، لكنه قد يعبر عن جزء مما نقصد.

 

وبخصوص الاختلالات في المصادر البشرية هناك طريقتان للتعاطي معها:

الأولى: أن يتم التعاطي معها بالطريقة التي أشرتم لها في السؤال، وهي أن نقول إن لدينا فائض من الأساتذة في نواكشوط، ولدينا نقص في الداخل، وإن علينا أن نحول الفائض من الأساتذة في نواكشوط لتغطية النقص في الداخل، وبعض موظفي القطاع يعملون خارجه وسنعمل على استعادتهم، وهنا سنكرر ما قيم به سابقا. كان كل من يأتي يقوم بحسن نية بمجموعة من الإجراءات والتحويلات، وفي النهاية يصطدم بالواقع ويتراجع عنها.

 

وقد قررت الوزارتان القيام بتدقيق في حالة المصادرة البشرية من أجل الحصول على صورة كاملة عنها، وعلى أساسها تقدم الاقتراحات التي ترى أنها في صالح التعليم للحكومة، لتتم المصادقة عليها وتطبيقها بصفة لا رجعة فيها، وستضمن العدالة والجدوائية للجميع.

 

لو افترضنا أن لدينا الآن أستاذ خارج الحاجة التدريسية في نواكشوط، وقمنا بتحويله إلى الداخل، فإنه يمكن القول إننا لبينا حاجة لأهل الداخل، لكن لا يمكننا القول إننا طبقنا العدالة بين الأساتذة الموجودين في نفس الوضعية لأننا لم نجد حتى الآن الصورة الكاملة عنهم.

 

كما أن لدينا في نواكشوط زيادة في مديري الدروس، وهناك مدارس في الداخل بحاجة لمديري دروس، لكننا قبل ذلك بحاجة للحصول على صورة كاملة، ليكون اتخاذنا لأي إجراء ضامن للجدوائية المطلوبة، وللعدالة بين الناس، وهذا ما نعكف عليه.

 

بخصوص النقص الحاصل ببعض المناطق أو التفاوت، نأمل أن يتم التغلب عليه تدريجيا، نحن ننتظر أن تكون التغطية هذه السنة أحسن من السنة الماضية، لأنها أفضل في هذا العام من العام الماضي، وقد حصل بعضها بتأخر شهر أو شهرين عن السنة الدراسية، وقد طلبنا من الإدارات الجهوية تنظيم دروس تعويض حتى يتم التغلب على ذلك، وسنحصل خلال أيام على نتائج الدفعة الثانية من مقدمي خدمة التعليم، وسنكونهم بشكل سريع، ونرسلهم للإدارات الجهوية، ونطلب منها الاستفادة من الطاقات الجديدة من أجل تنظيم دورس تقوية تكميلية لمن فاتهم البرنامج، فضلا عن دروس تقوية ستستفيد منها جميع المدارس أو على الأقل المدارس التي يدرس فيها أكثر عدد من التلاميذ، ونأمل أن يكون فيها إضفاء لمستوى على العدالة الظروف التي يتنافس فيها التلاميذ، ورفعا لمستوى النتائج.

 

كما أن لدينا ورشة من الورشات التي نعمل عليها تتعلق بإصلاح الامتحانات، لأنه يمكن العمل على تحسين الطريقة التي تتم بها، وهذا ما نأمل أن ينعكس على مستوى النتائج، وعلى مستوى العدالة بين التلاميذ.

 

الأخبار: الإصلاح لا بد أن يكون منطلقا من تشخيص للواقع، ما هي المعطيات التي حصلتم عليها من خلال هذا التشخيص سواء على مستوى العجز في الكادر البشري؟ أو على مستوى تحديد أبرز التحديات؟

وزير التعليم الثانوي:

كما قلت سابقا، وهذا رأيي الشخصي، ويمكن لغيري أن يكون له رأي آخر، والمسار الذي سينطلق سيتقبل آراء الجميع، وبالتالي فما أعبر عنه الآن هو رأيي الشخصي.

 

أنا أرى أن الإشكال ليس فيما يجب أن نقوم به، فما يجب أن نقوم به معروف، فالمنظومة التربوية الوطنية عرفت الكثير من التحاليل، وإنما القضية هي أن نعرف كيف نقوم به وأن نتفق عليها، ونحدد أولوياتنا وفقا لذلك.

 

كما أرى أن لدينا تحديا على مستوى برامج التعليم، ورأيي الشخصي أن هذه البرامج كبيرة جدا، وواسعة جدا، وتحمل التلميذ والمدرس أكثر من طاقتهما، وأكثر من حاجة التلميذ، كما يضيع فيها الكثير من الجهد في أمور قد لا تكون أساسية.

 

وأرى بناء على هذا أن يجب أن يكون هناك عمل على مستوى برامج التعليم، ليتم تخفيفها لصالح التلميذ، ولصالح الأستاذ الذي سينفذها.

 

أما الجهد الثاني – على مستوى التحديات – فهو تكملة النقص الكمي في المدرسين، وإصلاح مدارس تكوينهم، وتكوينهم، ووضعهم في الظروف المادية والمعنوية التي تمكنهم من أداء عملهم.

 

أعتقد أننا إذا قمنا بهذا فسنكون قد قطعنا خطوات حاسمة في الإصلاح.

 

أما الخطوة الثانية فتتعلق بالبنية التحتية، وهذه يجب أن تكون محلا لاستثمار كبير حتى يكون التلاميذ والمدرسين والمؤسسات في ظروف جيدة، وتحتاج جهدا كبيرا، والحكومة ستتصدى لهذه المهمة على مدى خمس سنوات.

 

ما يجب علينا الآن فعله هو أن يؤخذ رأيي الذي عبرت عنه الآن، ورأي غيري، وأن نخرج من كل الآراء بخارطة طريق للإصلاح، وأن نصبر عليها، ونمنحها الوقت، ونتخذ لها من الإجراءات المصاحبة ما يضمن لنا الوصول إلى الأهداف المطلوبة منها.

 

فمن المشاكل التي تطرح للإصلاحات التي نقوم بها أننا نتصور شيئا، لكننا لا نتخذ الإجراءات المصاحبة له، ولا نمنحه الوقت الكافي ليكتمل، ونطلق إصلاحا آخر.

 

يجب في هذه الإصلاح الذي نحن بصدده أن يكون محل اتفاق بين الجميع، وأن يتفقوا على الوقت الذي يكفيه، وأن يحددوا الإجراءات المصاحبة له، والبلد مقبل على آفاق واعدة، وبحاجة لإصلاح حقيقي لمنظومته التربوية.

 

الأخبار: وبخصوص الشق الثاني من السؤال، هل حددتم حجم النقص على مستوى الطواقم التربوية؟

وزير التعليم الثانوي:

بوضعيتنا الحالية، كان لدينا نقص بـ2030 أستاذا، واكتتبنا منهم 1200 أستاذ في المرحلة الأولى، وقد فتحنا باب الاكتتاب الآن مجددا لاكتتاب البقية وهي 830، قد لا نحصل على هذه العدد، وبناء على ذلك فقد بدأنا دراسة ملفات المتقاعدين لمعرفة مدى إمكانية الاستفادة من هذا المخزون للتغلب على النقص في التغطية.

 

أعتقد أننا بهذه الجهود يمكن أن نحصل على تغطية كمية، ولن يبقى منها شيء، وحتى لو بقي فسيكون قليلا وبالإمكان تعويضه عبر الساعات الإضافية، وذلك عبر تكليف الأساتذة الذي كانوا يدرسون 18 ساعة – مثلا – بـ24 ساعة، لكن سيبقى تحدي الكيف قائما، فأساتذتنا الآن حتى لو كانوا أكفاء فإنه لا يمكنهم التدريس بالطريقة الأفضل لأن ظروف التدريس غير متوفرة، كما أن بعضهم تنقصه الكفاءة وبحاجة لتكوين مستمر.

 

كما أن من غطينا بهم النقص في العجز، لم يمروا عبر مدارس تكوين المدرسين، وبالتالي فسيظل لديهم نقص.

 

إذاً، لدينا تحد على مستوى الكم، أتوقع أن يتم التغلب عليه خلال وقت وجيز، ليبقى التحدي على مستوى الكيف، وسيبقى مطروحا.

 

وهناك إشكال آخر، وهو أن عملنا الآن هو لتغطية الموجود فقط، بينما نحن نعلم أن نسبة كبيرة من أبناء موريتانيا خارج المدرسة، وعليه فإن التحدي على مستوى الكم والكيف سيظل مطروحا خلال السنوات الخمس المقبلة لاستيعاب هذه الزيادة، وإصلاح مدارس تكوين المدرسين، من حيث نوعية التكوين، ورفع حجم الاستيعاب هو المدخل لكسب هذا التحدي.

 

الأخبار: ما هي استراتجيتكم للتعاطي مع التعليم الخاص، خصوصا وأنه يمثل نسبة معتبرة من التعليم الإعدادي والثانوي؟ وهل حددتم آلية للتعاطي مع مشاكل البنية التحتية؟

وزير التعليم الثانوي:

القضيتان محل نقاش داخل اللجنة الوزارية التي يرأسها معالي الوزير الأول، وهي عاكفة على وضع خطة في هذا المجال، خطة لتوسيع البنية التحتية حسب الإمكانيات المتاحة، وبطريقة تدريجية، وما يكنني أن أقوله هنا هو الاجتماع الأخير للجنة نتج عنه إنشاء لجان على مستوى الولايات، وهذه اللجان ستمكن من دراسة وتحديد الحاجيات، سواء على مستوى الموجود، أو توسعته عبر منشئات جديدة.

 

وقد انطلق عمل هذه اللجان، وسيكون لدينا تصور حول الموضوع، وسنعلن عنه، وسيظهر أن تعهدات فخامة رئيس الجمهورية التي ضمنها برنامجه الانتخابي لديها آفاق منذ السنة الأولى يراها الناس كمؤشر على تنفيذها بشكل جدي.

 

وحالما يكتمل عمل هذه اللجان وتتم المصادقة عليه في اللجنة الوزارية سيتم الإعلان عنه. وقبل ذلك أود أن أطمئنكم وأطمئن المتابعين أن جانب البنية التحتية تم اتخاذ كل التدابير للقيام بخطوات كبيرة وجدية فيه بشكل عاجل.

 

وفيما يتعلق بالتعامل مع التعليم الخاص، فهناك طريقتان للتعامل معه:

- هناك التعامل معه في إطار المدرسة الجمهورية، وهو تعامل سينبى على الإصلاح الجديد، وتعكف عليه وزارة التعليم الأساسي وإصلاح التهذيب الوطني، وستتخذ فيه إجراءات من بينها توسعة طاقة المدرسة العمومية، وضمان توفير ظروف التعليم الجيد، من أجل استيعاب من كانوا يتوجهون إلى التعليم الخاص، وذلك بطريقة تدريجية كما ورد في تعهد فخامة رئيس الجمهورية، وفي السياسة العامة للحكومة.

- وفيما يخص التعليم الثانوي، فقد أكملنا ورشة عمل مع الفاعلين فيه، وقد أثمرت خارطة طريق، وتبنت هدفا في أفق الافتتاح الدراسي العام المقبل، لأن التشويش على المدارس وسط السنة الدراسة غير إيجابي.

 

سنعمل خلال هذه السنة على أن تكون لدينا إحصائية عن التعليم الخاص، عدد المدارس، وأعداد التلاميذ، ومن يكون فيه، ومن أين جاؤوا، ومدى احترامه للشروط القانونية المطلوب توفرها.

 

سنمنح من لديهم نقص فترة للتغلب عليه، وسنضع معهم خارطة طريق لكل أشكال الدعم التي يجب أن تتخذ من أجل أن يكون هذا التعليم في مرحلته الثانوية يؤدي الرسالة المطلوبة منه، بطريقة تضمن للموريتانيين الذي استثمروا فيه أن يجدوا النتيجة المطلوبة، وبطريقة متكاملة مع التعليم العمومي، وذلك في نظرة واحدة، وهي أن سياسة التعليم ينفذ بعضها عبر مؤسسات عمومية وبعضها عبر مؤسسات خصوصية، مع الحرص على نجاحها.

 

وهناك خارطة طريق بخطوات تدريجية من أجل يكون الجميع قد طبق الشروط الواردة في دفتر الالتزامات قبل افتتاح السنة الدراسية القادمة، وكذا من أجل تدارسها وتدقيقها، وهذه الخريطة موجودة وواضحة، ونعكف الآن على تنفيذها في أفق الافتتاح القادم.

 

الأخبار: هل يمكن بناء على ما تحدثتم عنه من خطط إصلاحية، ومن إكمال للتغطية بالطواقم التدريسية، أن تتوقعوا ارتفاع نسب النجاح في المسابقات الوطنية، وهل يمكن أن تقدموا هذا التوقع في أرقام؟

وزير التعليم الثانوي:

سأجيبكم على هذا السؤال بصراحة، لقد اتخذنا إجراءات نأمل أن تؤدي لأن يكون تحصيل التلاميذ العلمي أكثر، ونشرنا تغطية بالأساتذة أوسع، وقد وصل تقدم البرنامج الآن مرحلة قال المفتشون إنه لم يكن يصلها خلال الأعوام السابقة، كل هذه الدعامات نرى أنها يجب أن ترفع أعداد الناجحين، ويزيد من نسبة النجاح.

 

لكننا في الوقت ذاته نعمل على اتخاذ إجراءات في يخص إجراء الامتحانات، تضمن التدقيقي في طريقة إجرائها، وهل كانت هناك نسبة تمنح نتائج لا تستحقها، أو تفوز بالشهادات دون وجه حق، بسبب الخلل في الامتحانات؟

 

لا أملك الآن جوابا على هذه الأسئلة.

وعلى العموم، فنحن نقوم بجهود في جانب يتوقع أن ترفع نسبة النجاح، وفي جانب آخر نقوم بجهود قد تؤدي لخفضها بالتدقيق في طريقة إجراء الامتحانات، وتدركون أن إجراء الامتحانات أضحى اليوم تحديا عالميا، بسبب الهواتف والأجهزة المستجدة، وليست المشكلة في موريتانيا فحسب، وبالتالي فمجرد تنظيم الامتحانات أصبح تحديا كبيرا.

 

نحن لدينا خريطة تشمل انتقاء المصححين بطريقة أجود، وتكوينهم، وتكوين من سيصورون المواضيع، وكل هذا سيضفي جديدا على الطريقة التي كانت تجرى بها الامتحانات.

 

وبالتالي فنحن سنزيد في أحد الجوانب، وهو جانب التحصيل العلمي، ونرفع من قدرة التلاميذ على النجاح، وهناك إجراءات سنتخذها في الجانب الآخر، وهو جانب مراجعة طريقة تنظيم الامتحانات، هل ستنقص من أعداد الناجحين؟ لا أملك جوابا حولها الآن. ونرجو أن لا تكون هناك اختلالات كبيرة.

 

يمكن القول إنه من حيث الضبط الإداري لم نلمس شيئا بعد، لكن من حيث طريقة وضع الامتحانات، وطريقة تسيير الفصول، وطريقة التصحيح فلم نتمكن بعد من قياسها لتحديد حجم الاختلالات، ونأمل أن تكون قليلة من أجل أن تثمر جهودنا في رفع مستوى التحصيل لتنعكس على مستويات النجاح.

 

وبناء عليه فلا يمكنني الآن تقديم نسبة لتوقعات النجاح.

 

الأخبار: النقابات وحتى رجال التعليم يرون أن العنصر الأهم في العملية التربوية، وهو العنصر البشري الذي سيسهر على تنفيذها لم يحظى بما يستحق من اهتمام، لتحسين ظروفه المادة والمعنوية، وقد احتج بعضهم خلال الأسابيع الماضية، فكيف ترون الأمر؟

وزير التعليم الثانوي:

لقد التقيت النقابات وناقشت معهم الأوضاع، وخصوصا النقابات التي دعت للتحرك الاحتجاجي، وقد أكدت لهم أني أرى أن الظروف الحالية ليست مناسبة للتحرك، وأن التحرك فيها لا يخدم العملية التربوية بكل أطرافها سواء الأساتذة أو التلاميذ، وأن هناك حكومة ونظام في بداية عملهما، ولديهما إصلاح يعملون عليه، وأن الأفضل – بشكل مبدئي - أن يتم منحهما بعض الوقت.

 

ويبدو أن ضغط الظروف التي لديهم جعلتهم ينفذون ذلك التوقف، وقد قاموا به بطريقة جيدة، ودون أي خرق للقانون، ونحن هنا نشكرهم على القيام به بهذه الطريقة الجيدة، وبالطريقة الشرعية التي تكفلها لهم القوانين، فالقوانين تكفل لهم حق الاحتجاجات، والرسالة التي بعثوا بها من خلال هذه الاحتجاجات، وهي أن الركيزة الأساسية للتعليم هي المعلم والأستاذ كانت لدينا، وقد تعززت بتحركهم وبالرسائل التي بعثوها من خلال هذه الاحتجاجات.

 

نحن نرى أن الإطار الذي وضعنا مع النقابات إطار جديد، وهو إطار يجمع النقابات كلها والوزارة، ويتم وضع جدول أعماله بالتنسيق معهم، ونحن نريده لأن يكون إطارا يبعدنا عن الصورة التي تجعل الوزارة في طرف وترفض الاستجابة لكل المطالب، والمدرسين في طرف ويطالبون بكل شيء، نريد أن نتجاوز لذلك لنصبح شركاء، ونرى معا الممكن المتاح فنقوم به جميعا، وما لا يمكن فيتم تفهمه من الأساتذة.

 

فخامة رئيس الجمهورية أعطى تعهدا بجعل الأستاذ في الظروف المادية والمعنوية التي تضمن له تأدية مهامه بطريقة مريحة، سقف تعهدات فخامة رئيس الجمهورية هي برنامجه الانتخابي، أي خمس سنوات. والمطالبة اليوم بإنجاز غير الممكن غير واقعية، وتأخرنا نحن عن إنجاز الممكن غير واقعي، نحن من جانبنا لن نؤخر أي شيء يمكن القيام به الآن لتحسين ظروف المدرسين، وفي الوقت ذاته نطلب من المدرسين أن يتفهموا هذا الواقع ويدركوا الممكن من غير الممكن، وأن لا يعذرونا في الممكن، وأن يتفهمونا في غير الممكن، ونريدهم أن يفهموا أن المصلحة مصلحة مشتركة للجميع، ونجاحها يخدم الجميع.

 

الأخبار: هناك شق من القطاع الذي تتولون مسؤوليته يقل الحديث حوله أو يختفي، وهو التكوين المهني والتقني، وهو جانب كان يحظى باهتمام خلال العشرية الأخيرة، ما تفسيركم لذلك؟

وزير التعليم الثانوي:

يمكن أن تكون النشاطات أو الجهد في التعليم الثانوي قد غطى عليه، لكن حجمه – وهو لم يكبر بعد – يجعل تحقيق النتائج فيه بشكل أسرع ممكنا، وقد اتخذت فيها إجراءات جوهرية، قد لا يكون الإعلان عنها تم بطريقة بارزة.

 

لقد تم الإعلان خلال الأيام الماضية عن اكتتاب 120 أستاذا، وهو ما سيمثل زيادة كبيرة في الأساتذة.

 

كما سيتم إنشاء مراكز لتقوية مستويات الأساتذة.

 

كما اجتمعت مدارس التكوين المهني، وأعدت خططا لتنفيذها على مدى خمس سنوات، وقد أضحت واضحة.

 

تعهد فخامة رئيس الجمهورية المتمثل في وجود 40 ألف فرصة تكوين مهني مفتوحة أمام الشباب الموريتاني تم إنجاز خطة واضحة له، وبدأت إجراءات تنفيذه، وسيرى هذا العمل خلال الأسابيع والأشهر المقبلة، وسترون أن التكوين المهني ما زال محل أولوية أكثر مما كان، وأن العمل فيه سيتيح الكثير من الفرص للشباب الموريتانيين.

 

قال وزير التعليم الثانوي والتكوني المهني والتقني محمد ماء العينين أييه إن القطاع يفكر في توفير فرصة الالتحاق بالوظيفة العمومية لمن تتوفر فيه شروط المدرس من مقدمي خدمة التعليم المكتتبين خلال الأسابيع الأخيرة.

 

ولفت ولد أييه في مقابلة مع الأخبار إلى أن البعض ينتقد أخذ الوزارة للمتوفر، وعدم تكونيهم التكوين الكافي، مردفا بقوله: "ما يمكن أن نقوله هو أننا انتقينا أحسن الموجود بأفضل طريقة، وقمنا بتكوينهم بطريقة سريعة لتوفير الضروريات قبل الالتحاق بالأقسام، ولدينا خطة لمتابعتهم في الأقسام حتى يقدموا أحسن أداء".

 

وتحدث ولد أييه عن عملهم على خارطة لإصلاح القطاع، مؤكدا أن هذه الخريطة سيتم عرضها خلال الأيام القادمة، مردفا أن هدف إصلاح التعليم هو وضع المدرسة الجمهورية التي تكوّن الأجيال وفق ما يرغب الآباء في أن يكون عليه أبناؤهم وأحفادهم.

 

واعتبر الوزير أن الإشكالية حاليا ليست في الاتفاق على الإصلاح المنشود بقدر ما هي كيفية القيام به وخصوصا على مستوى وضع المدرسين في الظروف المرضية وتوفير البنية التحتية اللازمة للقطاع.

 

ووصف الوزير قطاع التعليم بأنه أصبح الشغل الشاغل للموريتانيين كلهم، مشيرا إلى أنه ركيزة من ركائز البرنامج الانتخابي للرئيس محمد ولد الغزواني والإعلان العام للحكومة.

 

ويؤكد الوزير أن ما يصفه بالإصلاح الشامل للتعليم قد انطلق، معددا من بين الإجراءات المتخذة تغطية العجز في المدرسين وبدء الدراسة في أول أيام الافتتاح وإنشاء المجلس الأعلى للتهذيب.

 

وتحدث ولد أييه في مقابلة مع الأخبار عن واقع القطاع بعد أشهر من توليه الحقيبة وافتتاح السنة الدراسية الجديدة، وعن معالم الإصلاح الذي يعملون عليه في التعليم، كما استعرض ما يرى أنها أبرز التحديات التي يجب العمل عليها، فضلا عن علاقاته مع النقابات العاملة في المجال.

 

وهذا نص المقابلة:

الأخبار: هل لكم أن تطلعوا القراء والمتلقين على واقع القطاع بعد أشهر من بداية السنة الدراسية، وذلك في ظل الاهتمام الكبير الذي يحظى به التعليم لدى الرأي العام؟

وزير التعليم الثانوي:

أشكركم على إتاحة هذه الفرصة، وأخذ المبادرة بهذه المقابلة عن هذا القطاع الذي يجسد واحدة من أولويات الحكومة وأوليات فخامة رئيس الجمهورية، وأولويات الموريتانيين ككل.

 

نحن نلاحظ أنه منذ فترة أصبح التعليم الشغل الشاغل للمواطنين الموريتانيين كلهم، كما أنه يشكل إحدى ركائز البرنامج الانتخابي لفخامة رئيس الجمهورية ولإعلان السياسة العامة للحكومة.

 

يشهد قطاع التعليم انطلاقة إصلاح شامل، انطلق الجانب المتعلق منه بتنفيذ العملية التربوية مع بداية افتتاح العام الدراسي بإشراف فخامة رئيس الجمهورية على الافتتاح الدراسي، حيث تم اتخاذ الإجراءات لتبدأ السنة الدراسية في أول أيام الافتتاح، ولتغطية العجز الذي كان حاصلا في الأساتذة والمعلمين، وهذا الإصلاح تواصل بإنشاء المجلس الوطني للتهذيب، وسيبلغ ذروته بخارطة طريق للإصلاح ستقدمها الوزارة المسؤولة عن الإصلاح خلال الأيام المقبلة.

 

الإصلاح كما تعلمون عموما هدفه هو أن تكون المدرسة الجمهورية التي يتخرج منها الأشخاص الموريتانيون، في الشكل الذي نحلم بأن يكون عليه أولادنا وأحفادنا. الطريقة التي نريد أن يكون عليها أولادنا وأحفادنا هي ما ستكون عليه المدرسة الجمهورية لضمان تخريج هذه الأجيال وفقا لذلك.

 

المدرسة الجمهورية أمامها الكثير من التحديات، أنا اعتقد أن الإشكال الكبير ليس ما يجب أن نقوم به، بل كيف يمكن أن نقوم به؟

 

أقول ذلك، لأن مستوى الوعي لدينا، وواقع الطبقة المثقفة، وكذا الطبقة السياسية، وكذا الإصلاحات المتكررة التي قيم بها، والتي لم تلب المطلوب منها، أو لم تكن مرضية، كل هذه العوامل أوجدت مستوى من التفكير يجعلني أرى أن المجتمع الموريتاني الآن جاهز لأن يحدد نوعية المدرسة الجمهورية التي يريد.

 

وبناء عليه، فإن الإشكالية الكبيرة التي تبقى أمامنا، هي الطريقة التي يمكن أن نصل بها لهذه المدرسة الجمهورية التي نريد، وخاصة من حيث توفير الأساتذة والمعلمين ووضعهم في الظروف التي تمكنهم من القيام بما هو مطلوب منهم بالطريقة المرضية، وتوفير البنية التحتية التي يمكن أن تحقق ذلك، وهذا لم ينتظر إطلاق خارطة الطريق، بل تم اتخاذ بعض الإجراءات من بنيها عملية انتقاء مقدمي خدمة التعليم للحد من النقص الحاصل في الأساتذة والمعلمين.

 

البعض ينتقد أخذنا للمتوفر، وعدم تكونيهم التكوين الكافي، وما يمكن أن نقوله هو أننا انتقينا أحسن الموجود بأفضل طريقة، وقمنا بتكوينهم بطريقة سريعة لتوفير الضروريات قبل الالتحاق بالأقسام، ولدينا خطة لمتابعتهم في الأقسام حتى يقدموا أحسن أداء، كما أن لدينا تفكير في أن من تتوفر فيه شروط المدرس ستوفر له الظروف المناسبة ليلتحق بالوظيفة العمومية، وهذه إحدى الورشات المهمة لتغطية النقص، وما تزال متواصلة لتلافي النقص الحاصل في الأساتذة والمعلمين، فالاكتتاب الأول لم يف بالمطلوب، وقد أعلنا عن اكتتاب ثان، نرجو أن يتم من خلاله التغلب على النقص الآن.

 

وفي الأيام المقبلة ستعكف الوزرتان على عملية إصلاح لمدارس تكوين المدرسين، وهي مدراس تكوين المعملين، ومدرسة تكوين الأساتذة حتى تكون هذه المدارس مدارس نخبة، وحتى يكون التخرج منها مفخرة، وتكون نوعية الأساتذة والمعلمين المتخرجين من هذه المدارس هي الدعامة الأساسية لإصلاح التعليم.

 

هناك جانب آخر مهم، هو الاهتمام بالمدرس وظروفه المادية والمعنوية التي هي واحدة من تعهدات فخامة رئيس الجمهورية، وقد وضعنا إطارا للتشاور مع النقابات، وهو إطار مستمر، وهدفنا منه أن نعتمد خطة تشارك فيها النقابات، تغطي فترة مأمورية الرئيس وتواكب سياسة الحكومة، ويتم - بشكل تدريجي – القيام بما يمكن أن يقام به في هذا الموضوع، وكذلك لامتلاك رؤية واضحة لإنجاز ما يمكن إنجازه في سبيل تحسين ظروف المدرس.

 

ومن بين الأمور الأساسية التي حصلت هي أن المعايير التي كانت موجودة بخصوص التحويلات والترقية التزمت بها الوزارتان، فمنذ افتتاح السنة الدراسية لم يحصل حتى الآن أي تحويل يمكن أن يخل بالخريطة المدرسة، أو أداء التدريس، وقد تم كل هذا بالتشاور مع النقابات.

 

وتتواصل جلساتنا معهم، وسنتفق خلال الأيام القادمة معهم على معايير منح علاوة البعد التي ستشهد زيادة، كما سنتفق معهم على المعايير التي سيتم منح هذه العلاوة وفقها.

 

كما أن من بين الأمور التي سنتفق معهم عليها - أيضا - وضع معايير منح تحفيز للمدرسين المتميزين الذين تم رصد ميزانية لها تصل 200 مليون أوقية قديمة، وسنناقش معهم كل الأمور التي يمكن أن يقام بها لتحفيز الأساتذة ووضعهم في ظروف جيدة حتى يتم الالتزام بالتعهد الذي قدم لهم بوضعهم في ظروف مادية ومعنوية تمكنهم من أداء عملهم.

 

هذه أمور عامة تتعلق بسياسات القطاع، لأن سياسة القطاع موحدة، حتى ولو تولت تنفيذها وزارات متعددة.

 

وبخصوص الأمور الخاصة بالتعليم الثانوي في إطار هذا الإصلاح، فإن التعليم الثانوي ينتظر منه أن يشارك في عملية الإصلاح الشاملة وأن يواكبها وينسجم معها، ويكون رافعة لها، كما يطلب منه أن يتخذ الإجراءات الضرورية الخاصة بمن يوجدون في التعليم اليوم، ولا يمكن أن يستفيدوا من الإصلاح، وذلك لإيجاد حلول للرفع من نوعية التعليم الذي يتلقونه.

 

وفي هذا المجال فتحنا مجموعة من الورشات، منها ما يتعلق بالسنوات النهائية من خلال إعداد وثائق حول المواد الأساسية كلها، وإطلاق دروس تقوية ستنطلق في الأيام المقبلة،  كما نعمل على مستوى السنة الأولى، وقد أعددنا تقييما لمستوى السنة الأولى من الإعدادية التي تشكل المرحلة الأولى، وذلك لمعرفة ما يمكن القيام به على مستوى البرامج لإكمال النقص الذي حصل خلال التعليم الأساسي والتغلب عليه بشكل تدريجي لامتلاك الكفاءة التي تمكنهم من متابعة تعليمهم الثانوي بطريقة جيدة.

 

كما تعكف الوزارة على دراسة لتحديد الحاجيات من البنية التحتية، وكذا الحاجيات الضرورية لرفع مستوى ظروف التدريس بصفة عامة، ونأمل أن تظهر نتائج مقنعة للمجتمع الموريتاني تدريجيا.

 

الأخبار: خلال العقود الماضية، كان ما يوصف بأنه إصلاح للتعليم يأخذ أحد منحيين، إما أن يتم تغيير اللغة، أو يقسم القطاع إلى وزارتين أو وزارات إن كان مجتمعا، أو يجمع إن كان متفرقا، ما الذي يحمله الإصلاح الذي تنوون اعتماده؟

وزير التعليم الثانوي:

أنا أرى أن الهدف من البنية الإدارية هو تلبية وظائف موجودة، وأن يتم التخطيط بشكل سليم، والتنفيذ بشكل صحيح، وأن توجد متابعة دقيقة، سواء كان ذلك قد حصل بجهاز إداري في وزارة واحدة أو عبر مجموعة من الوزارات تنسق فيما بينها، هذا ليس هو الأساس حسب رأيي. الأساسي أن تكون سياسية التعليم سياسة واحدة منسجمة وتنفيذها يتم بسلاسة ويتم تقييمها وتتخذ الإجراءات لتلافي ما يحصل من أخطاء.

 

ولعل هذا ما يفسر لكم عدة الاستعجال في الفصل بين وزارتي التعليم الأساسي وإصلاح التهذيب الوطني، والتعليم الثانوي والتكوين المهني والتقني – وهو ما ينتقده بعضهم – ودافعه حرصنا على أن تكون الإجراءات التي تتخذ تضمن الوصول للأهداف المرسومة.

 

أطمئن المهمتين بشؤون التعليم أن الوظائف التي تضمن نجاح التعليم سيتم القيام بها من خلال الوزارتين وبطريقة تنسيق تضمن الوصول للنتائج المطلوبة، وفي هذا الإطار تم إنشاء المجلس الوطني للتهذيب، وهو هيئة تجمع الوزارات كلها والمجتمع المدني، والهدف منها أن نقوم بفحص ناقد وتشخيص لما هو موجود، ونقدم الاقتراحات للحكومة حتى تتمكن من أن تكون عملية التهذيب علمية تنسجم وفق سياسية واحدة، وتتابع مختلف جوانب التعليم لإبراز الاختلالات الموجودة فيه ليتم التغلب عليها.

 

الأخبار: هناك من يتحدث عن انعدام المساواة والعدالة بين التلاميذ، وخصوصا في مرحلة الباكلوريا، فبينما تتوفر البنية والطواقم المكتملة في نواكشوط – مثلا – تتأخر بداية الدراسة ويسجل العجز في الطواقم في مناطق داخل البلاد، كيف تتعاطون مع هذا الأمر؟

وزير التعليم الثانوي:

أود أن أبدأ من النقطة التي تتحدث عن فائض من الأساتذة في نواكشوط، وعن نقص في الداخل، لأقول إن تسيير المصادر البشرية بالقطاع فيه الكثير من الاختلالات، وفيه بعض التراكمات، مع أني لا أحبذ استخدام هذا المصطلح، لكنه قد يعبر عن جزء مما نقصد.

 

وبخصوص الاختلالات في المصادر البشرية هناك طريقتان للتعاطي معها:

الأولى: أن يتم التعاطي معها بالطريقة التي أشرتم لها في السؤال، وهي أن نقول إن لدينا فائض من الأساتذة في نواكشوط، ولدينا نقص في الداخل، وإن علينا أن نحول الفائض من الأساتذة في نواكشوط لتغطية النقص في الداخل، وبعض موظفي القطاع يعملون خارجه وسنعمل على استعادتهم، وهنا سنكرر ما قيم به سابقا. كان كل من يأتي يقوم بحسن نية بمجموعة من الإجراءات والتحويلات، وفي النهاية يصطدم بالواقع ويتراجع عنها.

 

وقد قررت الوزارتان القيام بتدقيق في حالة المصادرة البشرية من أجل الحصول على صورة كاملة عنها، وعلى أساسها تقدم الاقتراحات التي ترى أنها في صالح التعليم للحكومة، لتتم المصادقة عليها وتطبيقها بصفة لا رجعة فيها، وستضمن العدالة والجدوائية للجميع.

 

لو افترضنا أن لدينا الآن أستاذ خارج الحاجة التدريسية في نواكشوط، وقمنا بتحويله إلى الداخل، فإنه يمكن القول إننا لبينا حاجة لأهل الداخل، لكن لا يمكننا القول إننا طبقنا العدالة بين الأساتذة الموجودين في نفس الوضعية لأننا لم نجد حتى الآن الصورة الكاملة عنهم.

 

كما أن لدينا في نواكشوط زيادة في مديري الدروس، وهناك مدارس في الداخل بحاجة لمديري دروس، لكننا قبل ذلك بحاجة للحصول على صورة كاملة، ليكون اتخاذنا لأي إجراء ضامن للجدوائية المطلوبة، وللعدالة بين الناس، وهذا ما نعكف عليه.

 

بخصوص النقص الحاصل ببعض المناطق أو التفاوت، نأمل أن يتم التغلب عليه تدريجيا، نحن ننتظر أن تكون التغطية هذه السنة أحسن من السنة الماضية، لأنها أفضل في هذا العام من العام الماضي، وقد حصل بعضها بتأخر شهر أو شهرين عن السنة الدراسية، وقد طلبنا من الإدارات الجهوية تنظيم دروس تعويض حتى يتم التغلب على ذلك، وسنحصل خلال أيام على نتائج الدفعة الثانية من مقدمي خدمة التعليم، وسنكونهم بشكل سريع، ونرسلهم للإدارات الجهوية، ونطلب منها الاستفادة من الطاقات الجديدة من أجل تنظيم دورس تقوية تكميلية لمن فاتهم البرنامج، فضلا عن دروس تقوية ستستفيد منها جميع المدارس أو على الأقل المدارس التي يدرس فيها أكثر عدد من التلاميذ، ونأمل أن يكون فيها إضفاء لمستوى على العدالة الظروف التي يتنافس فيها التلاميذ، ورفعا لمستوى النتائج.

 

كما أن لدينا ورشة من الورشات التي نعمل عليها تتعلق بإصلاح الامتحانات، لأنه يمكن العمل على تحسين الطريقة التي تتم بها، وهذا ما نأمل أن ينعكس على مستوى النتائج، وعلى مستوى العدالة بين التلاميذ.

 

الأخبار: الإصلاح لا بد أن يكون منطلقا من تشخيص للواقع، ما هي المعطيات التي حصلتم عليها من خلال هذا التشخيص سواء على مستوى العجز في الكادر البشري؟ أو على مستوى تحديد أبرز التحديات؟

وزير التعليم الثانوي:

كما قلت سابقا، وهذا رأيي الشخصي، ويمكن لغيري أن يكون له رأي آخر، والمسار الذي سينطلق سيتقبل آراء الجميع، وبالتالي فما أعبر عنه الآن هو رأيي الشخصي.

 

أنا أرى أن الإشكال ليس فيما يجب أن نقوم به، فما يجب أن نقوم به معروف، فالمنظومة التربوية الوطنية عرفت الكثير من التحاليل، وإنما القضية هي أن نعرف كيف نقوم به وأن نتفق عليها، ونحدد أولوياتنا وفقا لذلك.

 

كما أرى أن لدينا تحديا على مستوى برامج التعليم، ورأيي الشخصي أن هذه البرامج كبيرة جدا، وواسعة جدا، وتحمل التلميذ والمدرس أكثر من طاقتهما، وأكثر من حاجة التلميذ، كما يضيع فيها الكثير من الجهد في أمور قد لا تكون أساسية.

 

وأرى بناء على هذا أن يجب أن يكون هناك عمل على مستوى برامج التعليم، ليتم تخفيفها لصالح التلميذ، ولصالح الأستاذ الذي سينفذها.

 

أما الجهد الثاني – على مستوى التحديات – فهو تكملة النقص الكمي في المدرسين، وإصلاح مدارس تكوينهم، وتكوينهم، ووضعهم في الظروف المادية والمعنوية التي تمكنهم من أداء عملهم.

 

أعتقد أننا إذا قمنا بهذا فسنكون قد قطعنا خطوات حاسمة في الإصلاح.

 

أما الخطوة الثانية فتتعلق بالبنية التحتية، وهذه يجب أن تكون محلا لاستثمار كبير حتى يكون التلاميذ والمدرسين والمؤسسات في ظروف جيدة، وتحتاج جهدا كبيرا، والحكومة ستتصدى لهذه المهمة على مدى خمس سنوات.

 

ما يجب علينا الآن فعله هو أن يؤخذ رأيي الذي عبرت عنه الآن، ورأي غيري، وأن نخرج من كل الآراء بخارطة طريق للإصلاح، وأن نصبر عليها، ونمنحها الوقت، ونتخذ لها من الإجراءات المصاحبة ما يضمن لنا الوصول إلى الأهداف المطلوبة منها.

 

فمن المشاكل التي تطرح للإصلاحات التي نقوم بها أننا نتصور شيئا، لكننا لا نتخذ الإجراءات المصاحبة له، ولا نمنحه الوقت الكافي ليكتمل، ونطلق إصلاحا آخر.

 

يجب في هذه الإصلاح الذي نحن بصدده أن يكون محل اتفاق بين الجميع، وأن يتفقوا على الوقت الذي يكفيه، وأن يحددوا الإجراءات المصاحبة له، والبلد مقبل على آفاق واعدة، وبحاجة لإصلاح حقيقي لمنظومته التربوية.

 

الأخبار: وبخصوص الشق الثاني من السؤال، هل حددتم حجم النقص على مستوى الطواقم التربوية؟

وزير التعليم الثانوي:

بوضعيتنا الحالية، كان لدينا نقص بـ2030 أستاذا، واكتتبنا منهم 1200 أستاذ في المرحلة الأولى، وقد فتحنا باب الاكتتاب الآن مجددا لاكتتاب البقية وهي 830، قد لا نحصل على هذه العدد، وبناء على ذلك فقد بدأنا دراسة ملفات المتقاعدين لمعرفة مدى إمكانية الاستفادة من هذا المخزون للتغلب على النقص في التغطية.

 

أعتقد أننا بهذه الجهود يمكن أن نحصل على تغطية كمية، ولن يبقى منها شيء، وحتى لو بقي فسيكون قليلا وبالإمكان تعويضه عبر الساعات الإضافية، وذلك عبر تكليف الأساتذة الذي كانوا يدرسون 18 ساعة – مثلا – بـ24 ساعة، لكن سيبقى تحدي الكيف قائما، فأساتذتنا الآن حتى لو كانوا أكفاء فإنه لا يمكنهم التدريس بالطريقة الأفضل لأن ظروف التدريس غير متوفرة، كما أن بعضهم تنقصه الكفاءة وبحاجة لتكوين مستمر.

 

كما أن من غطينا بهم النقص في العجز، لم يمروا عبر مدارس تكوين المدرسين، وبالتالي فسيظل لديهم نقص.

 

إذاً، لدينا تحد على مستوى الكم، أتوقع أن يتم التغلب عليه خلال وقت وجيز، ليبقى التحدي على مستوى الكيف، وسيبقى مطروحا.

 

وهناك إشكال آخر، وهو أن عملنا الآن هو لتغطية الموجود فقط، بينما نحن نعلم أن نسبة كبيرة من أبناء موريتانيا خارج المدرسة، وعليه فإن التحدي على مستوى الكم والكيف سيظل مطروحا خلال السنوات الخمس المقبلة لاستيعاب هذه الزيادة، وإصلاح مدارس تكوين المدرسين، من حيث نوعية التكوين، ورفع حجم الاستيعاب هو المدخل لكسب هذا التحدي.

 

الأخبار: ما هي استراتجيتكم للتعاطي مع التعليم الخاص، خصوصا وأنه يمثل نسبة معتبرة من التعليم الإعدادي والثانوي؟ وهل حددتم آلية للتعاطي مع مشاكل البنية التحتية؟

وزير التعليم الثانوي:

القضيتان محل نقاش داخل اللجنة الوزارية التي يرأسها معالي الوزير الأول، وهي عاكفة على وضع خطة في هذا المجال، خطة لتوسيع البنية التحتية حسب الإمكانيات المتاحة، وبطريقة تدريجية، وما يكنني أن أقوله هنا هو الاجتماع الأخير للجنة نتج عنه إنشاء لجان على مستوى الولايات، وهذه اللجان ستمكن من دراسة وتحديد الحاجيات، سواء على مستوى الموجود، أو توسعته عبر منشئات جديدة.

 

وقد انطلق عمل هذه اللجان، وسيكون لدينا تصور حول الموضوع، وسنعلن عنه، وسيظهر أن تعهدات فخامة رئيس الجمهورية التي ضمنها برنامجه الانتخابي لديها آفاق منذ السنة الأولى يراها الناس كمؤشر على تنفيذها بشكل جدي.

 

وحالما يكتمل عمل هذه اللجان وتتم المصادقة عليه في اللجنة الوزارية سيتم الإعلان عنه. وقبل ذلك أود أن أطمئنكم وأطمئن المتابعين أن جانب البنية التحتية تم اتخاذ كل التدابير للقيام بخطوات كبيرة وجدية فيه بشكل عاجل.

 

وفيما يتعلق بالتعامل مع التعليم الخاص، فهناك طريقتان للتعامل معه:

- هناك التعامل معه في إطار المدرسة الجمهورية، وهو تعامل سينبى على الإصلاح الجديد، وتعكف عليه وزارة التعليم الأساسي وإصلاح التهذيب الوطني، وستتخذ فيه إجراءات من بينها توسعة طاقة المدرسة العمومية، وضمان توفير ظروف التعليم الجيد، من أجل استيعاب من كانوا يتوجهون إلى التعليم الخاص، وذلك بطريقة تدريجية كما ورد في تعهد فخامة رئيس الجمهورية، وفي السياسة العامة للحكومة.

- وفيما يخص التعليم الثانوي، فقد أكملنا ورشة عمل مع الفاعلين فيه، وقد أثمرت خارطة طريق، وتبنت هدفا في أفق الافتتاح الدراسي العام المقبل، لأن التشويش على المدارس وسط السنة الدراسة غير إيجابي.

 

سنعمل خلال هذه السنة على أن تكون لدينا إحصائية عن التعليم الخاص، عدد المدارس، وأعداد التلاميذ، ومن يكون فيه، ومن أين جاؤوا، ومدى احترامه للشروط القانونية المطلوب توفرها.

 

سنمنح من لديهم نقص فترة للتغلب عليه، وسنضع معهم خارطة طريق لكل أشكال الدعم التي يجب أن تتخذ من أجل أن يكون هذا التعليم في مرحلته الثانوية يؤدي الرسالة المطلوبة منه، بطريقة تضمن للموريتانيين الذي استثمروا فيه أن يجدوا النتيجة المطلوبة، وبطريقة متكاملة مع التعليم العمومي، وذلك في نظرة واحدة، وهي أن سياسة التعليم ينفذ بعضها عبر مؤسسات عمومية وبعضها عبر مؤسسات خصوصية، مع الحرص على نجاحها.

 

وهناك خارطة طريق بخطوات تدريجية من أجل يكون الجميع قد طبق الشروط الواردة في دفتر الالتزامات قبل افتتاح السنة الدراسية القادمة، وكذا من أجل تدارسها وتدقيقها، وهذه الخريطة موجودة وواضحة، ونعكف الآن على تنفيذها في أفق الافتتاح القادم.

 

الأخبار: هل يمكن بناء على ما تحدثتم عنه من خطط إصلاحية، ومن إكمال للتغطية بالطواقم التدريسية، أن تتوقعوا ارتفاع نسب النجاح في المسابقات الوطنية، وهل يمكن أن تقدموا هذا التوقع في أرقام؟

وزير التعليم الثانوي:

سأجيبكم على هذا السؤال بصراحة، لقد اتخذنا إجراءات نأمل أن تؤدي لأن يكون تحصيل التلاميذ العلمي أكثر، ونشرنا تغطية بالأساتذة أوسع، وقد وصل تقدم البرنامج الآن مرحلة قال المفتشون إنه لم يكن يصلها خلال الأعوام السابقة، كل هذه الدعامات نرى أنها يجب أن ترفع أعداد الناجحين، ويزيد من نسبة النجاح.

 

لكننا في الوقت ذاته نعمل على اتخاذ إجراءات في يخص إجراء الامتحانات، تضمن التدقيقي في طريقة إجرائها، وهل كانت هناك نسبة تمنح نتائج لا تستحقها، أو تفوز بالشهادات دون وجه حق، بسبب الخلل في الامتحانات؟

 

لا أملك الآن جوابا على هذه الأسئلة.

وعلى العموم، فنحن نقوم بجهود في جانب يتوقع أن ترفع نسبة النجاح، وفي جانب آخر نقوم بجهود قد تؤدي لخفضها بالتدقيق في طريقة إجراء الامتحانات، وتدركون أن إجراء الامتحانات أضحى اليوم تحديا عالميا، بسبب الهواتف والأجهزة المستجدة، وليست المشكلة في موريتانيا فحسب، وبالتالي فمجرد تنظيم الامتحانات أصبح تحديا كبيرا.

 

نحن لدينا خريطة تشمل انتقاء المصححين بطريقة أجود، وتكوينهم، وتكوين من سيصورون المواضيع، وكل هذا سيضفي جديدا على الطريقة التي كانت تجرى بها الامتحانات.

 

وبالتالي فنحن سنزيد في أحد الجوانب، وهو جانب التحصيل العلمي، ونرفع من قدرة التلاميذ على النجاح، وهناك إجراءات سنتخذها في الجانب الآخر، وهو جانب مراجعة طريقة تنظيم الامتحانات، هل ستنقص من أعداد الناجحين؟ لا أملك جوابا حولها الآن. ونرجو أن لا تكون هناك اختلالات كبيرة.

 

يمكن القول إنه من حيث الضبط الإداري لم نلمس شيئا بعد، لكن من حيث طريقة وضع الامتحانات، وطريقة تسيير الفصول، وطريقة التصحيح فلم نتمكن بعد من قياسها لتحديد حجم الاختلالات، ونأمل أن تكون قليلة من أجل أن تثمر جهودنا في رفع مستوى التحصيل لتنعكس على مستويات النجاح.

 

وبناء عليه فلا يمكنني الآن تقديم نسبة لتوقعات النجاح.

 

الأخبار: النقابات وحتى رجال التعليم يرون أن العنصر الأهم في العملية التربوية، وهو العنصر البشري الذي سيسهر على تنفيذها لم يحظى بما يستحق من اهتمام، لتحسين ظروفه المادة والمعنوية، وقد احتج بعضهم خلال الأسابيع الماضية، فكيف ترون الأمر؟

وزير التعليم الثانوي:

لقد التقيت النقابات وناقشت معهم الأوضاع، وخصوصا النقابات التي دعت للتحرك الاحتجاجي، وقد أكدت لهم أني أرى أن الظروف الحالية ليست مناسبة للتحرك، وأن التحرك فيها لا يخدم العملية التربوية بكل أطرافها سواء الأساتذة أو التلاميذ، وأن هناك حكومة ونظام في بداية عملهما، ولديهما إصلاح يعملون عليه، وأن الأفضل – بشكل مبدئي - أن يتم منحهما بعض الوقت.

 

ويبدو أن ضغط الظروف التي لديهم جعلتهم ينفذون ذلك التوقف، وقد قاموا به بطريقة جيدة، ودون أي خرق للقانون، ونحن هنا نشكرهم على القيام به بهذه الطريقة الجيدة، وبالطريقة الشرعية التي تكفلها لهم القوانين، فالقوانين تكفل لهم حق الاحتجاجات، والرسالة التي بعثوا بها من خلال هذه الاحتجاجات، وهي أن الركيزة الأساسية للتعليم هي المعلم والأستاذ كانت لدينا، وقد تعززت بتحركهم وبالرسائل التي بعثوها من خلال هذه الاحتجاجات.

 

نحن نرى أن الإطار الذي وضعنا مع النقابات إطار جديد، وهو إطار يجمع النقابات كلها والوزارة، ويتم وضع جدول أعماله بالتنسيق معهم، ونحن نريده لأن يكون إطارا يبعدنا عن الصورة التي تجعل الوزارة في طرف وترفض الاستجابة لكل المطالب، والمدرسين في طرف ويطالبون بكل شيء، نريد أن نتجاوز لذلك لنصبح شركاء، ونرى معا الممكن المتاح فنقوم به جميعا، وما لا يمكن فيتم تفهمه من الأساتذة.

 

فخامة رئيس الجمهورية أعطى تعهدا بجعل الأستاذ في الظروف المادية والمعنوية التي تضمن له تأدية مهامه بطريقة مريحة، سقف تعهدات فخامة رئيس الجمهورية هي برنامجه الانتخابي، أي خمس سنوات. والمطالبة اليوم بإنجاز غير الممكن غير واقعية، وتأخرنا نحن عن إنجاز الممكن غير واقعي، نحن من جانبنا لن نؤخر أي شيء يمكن القيام به الآن لتحسين ظروف المدرسين، وفي الوقت ذاته نطلب من المدرسين أن يتفهموا هذا الواقع ويدركوا الممكن من غير الممكن، وأن لا يعذرونا في الممكن، وأن يتفهمونا في غير الممكن، ونريدهم أن يفهموا أن المصلحة مصلحة مشتركة للجميع، ونجاحها يخدم الجميع.

 

الأخبار: هناك شق من القطاع الذي تتولون مسؤوليته يقل الحديث حوله أو يختفي، وهو التكوين المهني والتقني، وهو جانب كان يحظى باهتمام خلال العشرية الأخيرة، ما تفسيركم لذلك؟

وزير التعليم الثانوي:

يمكن أن تكون النشاطات أو الجهد في التعليم الثانوي قد غطى عليه، لكن حجمه – وهو لم يكبر بعد – يجعل تحقيق النتائج فيه بشكل أسرع ممكنا، وقد اتخذت فيها إجراءات جوهرية، قد لا يكون الإعلان عنها تم بطريقة بارزة.

 

لقد تم الإعلان خلال الأيام الماضية عن اكتتاب 120 أستاذا، وهو ما سيمثل زيادة كبيرة في الأساتذة.

 

كما سيتم إنشاء مراكز لتقوية مستويات الأساتذة.

 

كما اجتمعت مدارس التكوين المهني، وأعدت خططا لتنفيذها على مدى خمس سنوات، وقد أضحت واضحة.

 

تعهد فخامة رئيس الجمهورية المتمثل في وجود 40 ألف فرصة تكوين مهني مفتوحة أمام الشباب الموريتاني تم إنجاز خطة واضحة له، وبدأت إجراءات تنفيذه، وسيرى هذا العمل خلال الأسابيع والأشهر المقبلة، وسترون أن التكوين المهني ما زال محل أولوية أكثر مما كان، وأن العمل فيه سيتيح الكثير من الفرص للشباب الموريتانيين.