أحمد ولد خطري في مقابلة حول مبادرة " شركاء في الوطن"

جمعة, 30/09/2016 - 18:03

الطواري  \ أحمد ولد خطري ناشط سياسي، وخبير اقتصادي في مكافحة الفقر و التمويلات التشاركية معروف في أوساط مؤسسات التمويل الصغيرة، واكب إنشاء شبكة صناديق الادخار والقرض "كابك" بالعاصمة الاقتصادية انواذيبو، وأشرف على إدارتها العامة على المستوى الوطني، وبعدما تولى تسييرها تطورت، وانتشرت في مختلف مقاطعات الوطن خلال فترة تسييره لها.

الرجل لديه أفكار متطورة وبنائة تلامس اهتمام الشباب الطموح إلى غد أفضل، وفي الوقت الراهن يعكف على تقديم مبادرة اجتماعية حقوقية تدعو إلى طرح إشكالية العبودية وبحث سبل محاربة مخلفاتها في إطار يبعدها عن التجاذبات السياسية، ويضعها في إطارها الحقوقي والاجتماعي البحت.

وللتعرف على هذه المبادرة الجديدة التقى موقع الأخبار السيد أحمد ولد خطري، وأجرى معه المقابلة التالية:

الطواري: لماذا هذه المبادرة؟ وماذا يميزها على باقي المبادرات المنتشرة في الساحة الوطنية كـ حركة "إيرا"وغيرها؟

أحمد ولد خطري: هذا السؤال يتركب من شقين أولهما: عن أسباب تقديم المبادرة في ظرفها الآني، وثانيهما: عن مميزاتها عن باقي نظيرتها في الساحة.

أولا هذه المبادرة تتمثل في إنشاء منظمة اجتماعية وحقوقية ينحصر اهتمامها في محاربة العبودية، وتقديم الحلول لمخلفاتها التي مازالت العائق الأبرز دون لحاق شريحة الأرقاء السابقين بباقي مكونات المجتمع الأخرى، والداعي لإنشاء هذه المنظمة في الوقت الحالي هو الانتباه لما شاب باقي جمعيات مكافحة العبودية ومخلفاتها من انزياح عن دورها المركزي، وصرفها الي السعي للعمل السياسي دون الاجتماعي والحقوقي، وجعلها منظمات حراك سياسي هدفها الأبرز هو المناكفة والمناورة والاصطفاف السياسي و ربما تصفية الحسابات مع باقي فرقاء الساحة السياسية مع هذه المنظمات.

وأكثر من ذلك تحول النضال حول الرق إلى وسيلة للثراء على حساب القضية والجولان في العالم وربط علاقات مع جهات تضر العلاقة بها إما بالأمن القومي للبلد كما هو حال علاقة مع بعض المنظمات اللوبي الصهيوني العالمي أو تضر بالهوية والانسجام الديني للمجتمع مثل ما نشهده من علاقات بين بعض النشطاء وجهات إيرانية شيعية .

كما أن تسيير السلطة لملف القضاء على الرق لم يكن على المستوى اللائق بملف بهذا الحجم من التعقيد و لهذا فإن الإنجازات الرسمية في هذا المجال تؤول إلى التراجع والسلبية بسبب ضعف التسويق والشرح وضعف كفاءة القائمين عليها.

أما أهم ما يميز هذه المبادرة عن المبادرات الأخرى فهو أنها ستكون مبادرة وطنية بإجماع فرئيسها على سبيل المثال لن يكون من شريحة لحراطين، فأنا مثلا لن أتولى ذلك المنصب، وهذا مهم جدا وأساسي، باعتبار أن قضية الرق ومخلفاته ليست قضية شريحة معينة، وإن كانت شريحة لحراطين هي المتضرر الأول، كما أن السعي إلى القضاء عليها هو مسألة وطنية لابد لها من تضافر وتآزر جهود كافة مكونات الشعب الموريتاني، وخاصة النخب الواعية كي نبلغ الهدف المنشود، إذ أن ما تقوم به شريحة لحراطين بمفردها من تبن للقضية والدفاع عنها يصير في نهاياته إلى أمر قد ينجر عنه -كما أثبتت التجربة - خطاب تحريضي فئوي سيقود لا محالة إلى التطرف وهذا لا يخدم القضية.

إننا نسعى إلى أن تحمل لواء مواجهة الرق ومخلفاته كل السواعد وان ينطلق من كل بيت موريتاني ويتحدث به كل لسان وطني.

الطواري: قلت إن رئيس المبادرة لن يكون من شريحة لحراطين، إذا ما هو دوركم أنتم فيها؟

أحمد ولد خطري: أنا هو صاحب المبادرة، ومن عرضتها على باقي الأعضاء، لكني أرتأيت بعد عرض رئاستها علي من طرف أصحابها أن لا أتولى رئاستها لاعتبارات أهمها ما قدمته في الإجابة السابقة.

أما عن دوري في المنظمة فسيكون - إلى جنب شراكة الأدوار مع باقي الأعضاء - في الأشراف على مراحل التأسيس، والرعاية والتأطير، كما أن أهم دور سأقوم به - من وجهة نظري - سيتمثل في تطبيق برنامج عمل طموح لإنشاء تعاضديات للتمويلات الصغيرة، يهدف هذا العمل إلى محاربة الفقر بين أفراد الشريحة، كما أعددت دراسات مستوفاة حول برمامج أخرى تعنى بالتعليم والرعاية الصحية... فضلا عن ما يضمن تحسين مستوى الدخل في هذه الشريحة.

الطواري: ما هي أهداف مبادرتكم هذه؟

أحمد ولد خطري: أهم أهداف المبادرة هو الإسهام في خلق مجتمع متآخ ومتسامح تسوده العدالة والإنصاف يسعى إلى التطبيق الصارم لكل القوانين، وخاصة تلك المحرمةوالمجرمة للعبودية ومحاسبة كل المخالفين لها مهما كانت أوضاعهم، ولا شك أن اللبنة الأساسية في هذا المنحى تتمثل في إيجاد منظومة تربوية جيدة تعطى فيها الأولية للمناطق الهشة التي تمثل أهم أوكار العبودية ومخلفاتها سواء في المدن الكبرى أوالمناطق الريفية، هذا فضلا عن تشجيع سياسة تمييز إيجابية تمكن الأطر المنحدرين من هذهالشريحة من الولوج إلى سوق العمل والتوظيف، فبهذه المنهجية وحدها نقضي تدريجيا على هذا الإرث التاريخي.

الطواري: من هم أبرز الوجوه المشاركة لكم في إنشاء هذه المنظمة؟

أحمد ولد خطري: هذه المجموعة مكونة من بعض نخب المجتمع المدني، جرى البحث بين أفردها حول السبل الموصلة والسريعة لمعالجة هذه الظاهرة ومخلفاتها، وطرحها في حيزها الحقيقي، وقد عمقنا البحث في الطرح المعني بالغايات والوسائل، كما أن نبل الهدف كان الجامع الأول لنا، خاصة فيما يتعلق منه بمحاربة الظاهرة، في إطار رص بنيان المجتمع الموريتاني، أضيف أيضا أن الأعضاء المؤسسين للمبادرة هم من مختلف مكونات المجتمع وشرائحه، وكلهم وجوه بارزة في المجتمع المدني الموريتاني.والدعوة مفتوحة لكل مواطن حريص على وطنه ان يلتحق بنا في هذه المبادرة التي سميت "شركاء في الوطن"

الطواري : ما هو موقعكم سابقا من المنظمات المعروفة بتبني قضية العبودية ؟

أحمد ولد خطري: لم أنتسب يوما من الأيام إلى أي من تلك المنتظمات، ولم أكن أشاطرها الطرح مع احترامي لآرائها، إلا أن انتشار خطاب الكراهية والتحريض الذي يغصبه إعلامنا هذه الأيام سواء المرئي منه أوالمسموع أوالمكتوب، وأيضا أحداث العنف التي وقعت في حي ولد بوعماتو... كلها أمور جعلتني أخرج من وضعية المتفرج إلىمستوى الفاعل، خاصة أن ما وقع في كزرة ولد بوعمات أمر لا يمكن السكوت عليه، فالاعتداء بالسلاح على قوة عمومية تمارس مهامها أقل ما يمكن أن يوصف به أنه جريمة منظمة. وبعد هذه الحادثة الخطيرة، وما سقته سابقا من محفزات لي في الدخول في الموضوع، قررت أنا و مجموعة معي تقديم هذه المبادرة.

الطواري: هل ستتعاونون في مجال عملكم مع المنظمات الأخرى الموازية العاملة في الحقل المشترك؟

أحمد ولد خطري: لقد قلت آنفا أني لا أشاطر المنظمات الحقوقية التي تنعى بقضايا الرق كثيرا من آرائها، مع احترامي لها وللقيمين عليها، لكن لا يمنع ذلك التعاون إذا دعا الظرف في القضايا المشتركة، خاصة إذا اتحدت الرؤية مع تلك المنظمات حول الأهداف التي أقنما عليها أسس منظمتنا.

الطواري: أين تتوقعون اصطفاف هذه المنظمة سياسيا، خاصة أن كل المنظمات الحقوقية التي تعنى بالظاهرة تتخذ أماكنها إما في المعارضة أو مع النظام؟

أحمد ولد خطري: كما أسلفت، فهذه المبادرة تنأى بنفسها تماما عن التموقع السياسي، إذ هي منظمة حقوقية اجتماعية تنموية تستمد موقعها من مجال عملها الاجتماعي والحقوق الصرف، كما لامانع لديها من مد يد تعاونها مع جميع الأطراف التي تعنى بالقضية في إطارها الوطني السامي.

الطواري: ماهي وسائل عملكم المادية مستقبلا، خاصة أن المجال يتطلب تمويلات ضخمة لتحقيق الأهداف؟

أحمد ولد خطري: أود الإشارة أولا إلى أن النظام الأساسي للمنظمة سيحدد مصادر التمويل في إطارها القانوني، ومن خلال ذلك سيكون الحصول على التمويل عن طريق تلك المحددات، طبعا سنعول كثيرا على الدعم الحكومي ودعم المنظمات العالمية التي تعنى بالموضوع أوتتقاطع اهتماماتها معه، وذلك لكون عملنا كما ذكرتم يتطلب تمويلات كبيرة لتحقيق الأهداف.

الطواري: على ذكر الدعم الحكومي، هل أنتم راضون عن تعامل النظام الحالي مع القضية؟

أحمد ولد خطري: أولا النظام الحالي بذل جهودا كبيرة، في معالجة ظاهرة الرق ومخلفاته، خاصة فيما يتعلق بالتشريعات المجرمة للظاهرة، كما قام ببعض الأعمال التي تلامس الحد من تنامي المخلفات مثل إنشاء مشاريع لمحاربة الفقر في بعض اماكن مخلفات الرق، وغير ذلك من الجهود المحمودة، وعلى كل حال يمكن القول إن هذا النظام من أكثر الأنظمة اهتماما وعملا من أجل الموضوع، ومعالجة مخلفاته.

لكن هذا لا يعني أن الحكومة قامت بكل ما يتوجب عليها القيام به في هذا المنحى، فكثير من المراقبين يرون تباطؤ وتيرة البرامج والمشاريع التي ستقضي على الظاهرة، كما أن تعاطي الحكومة مع المنظمات الحقوقية العاملة في المجال لا يرقى إلى المطلوب، خاصة فيما يتعلق بنفيها الدائم والقاطع لوجود أي حالات استرقاق تعثر عليها هذه المنظمات داخل البلاد، وهو ما يعطي الذريعة تامة لهؤلاء في صدقهم في استمرار الظاهرة ووجودها، فلو شاطرت الحكومة الحقوقيين في وجود بعض الحالات النادرة، وقامت بالمطلوب في الأمر، لتجاوزنا الحالة، ولما وجد البعض مسوغا لترويج أن موريتانيا مازالت فيها ممارسة للرق.

الطواري: متى تتوقعون انطلاقة نشاط منظمتكم؟

أحمد ولد خطري: نقوم الآن باجتماعات متصلة، تبحث في متطلبات الإنشاء من النواحي القانونية، واللوجستية، وإعداد الدراسات المطلوبة... وغير ذلك، وقد لا يكون الوقت طويلا في انتظار الإنطلاقة الأولى.

شكرا الأستاذ أحمد ولد خطري على سعة صدركم خلال هذا اللقاء وما خصصتموه من وقتكم لأسئلتنا.